شهدت الساحة السورية تطورات ميدانية متسارعة في الآونة الأخيرة، حيث تمكنت فصائل المعارضة المسلحة من تحقيق انتصار استراتيجي جديد في مدينة منبج شمال سوريا، في حين استهدفت الطائرات الإسرائيلية مواقع عسكرية في العاصمة دمشق، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل النظام السوري في مرحلة ما بعد الأسد.
المعارضة تسيطر على منبج
في خطوة لافتة، تمكنت فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا من السيطرة على مدينة منبج الواقعة في ريف حلب الشرقي، بعد اشتباكات عنيفة مع القوات التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد). وتعد منبج مدينة استراتيجية بسبب موقعها الجغرافي الذي يربط مناطق الشمال الشرقي بمناطق أخرى في سوريا، كما أنها كانت تحت سيطرة “قسد” المدعومة من الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة.
وأكدت مصادر عسكرية أن الفصائل المعارضة نجحت في قطع خطوط الإمداد الرئيسية لقوات “قسد” في المدينة، ما أدى إلى انهيار الدفاعات العسكرية الأخيرة هناك. هذا التقدم يمثل تحولًا كبيرًا في موازين القوى في شمال سوريا، حيث يزداد دور المعارضة السورية المدعومة من تركيا في التموقع على الأرض.
جبلة تتعرض للقصف
في تطور آخر، تعرضت مدينة جبلة الساحلية، التي كانت تعد واحدة من أبرز معاقل النظام السوري في الساحل السوري، لقصف صاروخي مكثف من قبل القوات الإسرائيلية. ووفقًا لمصادر ميدانية، استهدفت الضربات الإسرائيلية مواقع عسكرية تابعة للنظام السوري وحلفائه في المنطقة. وتأتي هذه الهجمات في سياق مستمر من الهجمات الجوية الإسرائيلية على الأراضي السورية، التي تستهدف بشكل رئيسي المنشآت العسكرية الإيرانية والمجموعات التابعة لها.
وقد أثار القصف الإسرائيلي موجة من الغضب والتنديد من قبل الحكومة السورية التي اتهمت إسرائيل بانتهاك السيادة السورية. لكن هذه الهجمات تبرز أيضًا التحديات الأمنية التي تواجه النظام السوري، خاصة مع تزايد الضغوط العسكرية والسياسية في مرحلة ما بعد الأسد.
إسرائيل ووجودها العسكري في سوريا
يستمر الدور الإسرائيلي في التأثير على الوضع العسكري في سوريا، حيث تعمل إسرائيل على منع تعاظم الوجود الإيراني في الأراضي السورية. وسبق أن أشار مسؤولون إسرائيليون إلى أن عمليات القصف على الأراضي السورية تأتي في إطار مواجهة التهديدات الإيرانية التي قد تمثل خطرًا على أمن إسرائيل. وعلى الرغم من التوترات المستمرة، تؤكد تل أبيب أنها تواصل مراقبة الوضع عن كثب وتستعد للرد على أي تحركات قد تهدد مصالحها.
مستقبل سوريا في مرحلة ما بعد الأسد
تشهد سوريا الآن مرحلة جديدة من الصراع، حيث بدأت ملامح ما بعد الأسد تتضح مع التقدم الذي تحققه المعارضة في بعض المناطق واستمرار الضغوط العسكرية من مختلف الأطراف. ومع استمرار تراجع السلطة المركزية للنظام السوري في العديد من المناطق، يتساءل كثيرون عن مستقبل سوريا السياسي والاقتصادي في ظل هذه التحولات.
في الوقت نفسه، تبقى أسئلة كبيرة حول كيفية إعادة بناء البلاد بعد سنوات من الحرب الدموية، وكيفية تحقيق السلام والاستقرار في ظل التنافسات الإقليمية والدولية المتزايدة على النفوذ داخل سوريا.
ختامًا، يظل الوضع في سوريا غير مستقر ومعقدًا، والمستقبل القريب يحمل في طياته الكثير من التحديات التي ستحدد بشكل كبير مستقبل البلاد والمنطقة ككل.
النحرر: جلفاد